الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل محركات البحث التقليدية ويثير تساؤلات حول استمرارها.

تأثير الذكاء الاصطناعي على إنترنت البحث: تهديدات جديدة للمنشئين
تتزايد التحديات التي يواجهها عالم الإنترنت في ظل التطور السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي. ففي بداية العام الماضي، أبدى ماثيو برينس، الرئيس التنفيذي لشركة كلاودفلير، قلقه من اتصالات تلقاها من رؤساء تنفيذيين في شركات إعلامية كبرى، حيث أشاروا إلى أن أعمالهم تواجه تهديدات خطيرة نتيجة نمو هذه التكنولوجيا.
توفر شركة كلاودفلير بنية تحتية أمنية لحوالي 20% من الإنترنت. وقد أكد ماثيو أن المدراء التنفيذيين لاحظوا علامات مبكرة تشير إلى تحول جذري في سلوك تصفح المستخدمين للويب، مع تزايد استخدامهم لروبوتات الدردشة بدلاً من محركات البحث التقليدية، مما يؤدي للحصول على إجابات مباشرة بدلاً من الروابط لمزيد من القراءة.
يشكو ناشرو المحتوى، بما في ذلك مقدمو الأخبار والمنتديات الإلكترونية ومواقع المراجع مثل ويكيبيديا، من انخفاض مقلق في حركة الزيارات، ما يشير إلى تهديدات مستقبلية لمصادر دخلهم.
صعود أدوات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي
في السابق، كانت محركات البحث مثل جوجل هي البوابة الأساسية للوصول إلى المعلومات عبر الروابط. إلا أن أدوات البحث المتطورة مثل ChatGPT وGrok وPerplexity بدأت في تغيير هذا النمط، حيث تقدم إجابات مباشرة مستندة إلى المعلومات المتاحة على الإنترنت دون الحاجة إلى توجيه المستخدمين إلى المواقع الأصلية. لتوضيح ذلك، يمكن لـ Perplexity تلخيص مقال أو الإجابة على سؤال معقد بناءً على بيانات الويب، مما يقلل من الحاجة إلى زيارة المواقع الأصلية.
تشير بيانات تقرير صادر عن مؤسسة Gartner إلى توقعات بانخفاض حجم حركة البحث التقليدية بنسبة 25% بحلول عام 2026، حيث تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في استبدال الكثير من استفسارات البحث. ويُعد هذا التحول تحدياً لنموذج الأعمال الخاص بدور النشر الرقمية، التي تعتمد بشكل أساسي على حركة المرور لتوليد الإيرادات.
تأثير الذكاء الاصطناعي على منشئي المحتوى
تعتمد فئة كبيرة من منشئي المحتوى، من المدونين إلى الصحفيين، على الزيارات لتحقيق دخلهم. غير أن ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بكشط المحتوى وتقديمه مباشرة للمستخدمين يهدد حجم هذه الزيارات.
محاولات لإنقاذ الويب
تم اقتراح عدة حلول لمواجهة هذه التحديات:
-
نماذج الاشتراك: لجأت بعض المواقع الإخبارية، مثل The New York Times، إلى نماذج للاشتراك لتقليل الاعتماد على الإعلانات، مما يسهل الأمر على الناشرين الكبار، بينما يترك المنشئين الأصغر في موقف صعب.
-
تشريعات لحماية الحقوق: هناك دعوات لتفعيل تشريعات تحمي حقوق منشئي المحتوى، مثل قوانين حقوق الطبع والنشر، التي تشترط الترخيص لاستخدام المحتوى. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه القوانين يمثل تحدياً عبر الحدود.
-
تكنولوجيا البلوك تشين: تقترح بعض الآراء استخدام تقنيات البلوك تشين لتمكين نظم دفع دقيقة لدعم منشئي المحتوى. إلا أن هذه الحلول ما زالت في مراحلها الأولى.
مستقبل الإنترنت في ظل الذكاء الاصطناعي
يبقى السؤال الأهم: هل سيستمر الويب كمنصة مفتوحة ومتنوعة في ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي؟ بينما يروّج البعض لفكرة أن هذه التكنولوجيا ستخلق إنترنت أكثر كفاءة، هناك قلق من محاصرة المحتوى وتقلص التنوع، مما قد يؤدي إلى هيمنة قلة من منصات الذكاء الاصطناعي.
في الختام، قد تكمن الحلول في إيجاد توازن بين الاستفادة من إعدادات الذكاء الاصطناعي ودعم منشئي المحتوى الذين يعدون العمود الفقري للويب. من دون تدخل فعّال، قد يتحول الإنترنت إلى نظام مغلق تحت سيطرة عدد محدود من عمالقة التكنولوجيا، مما يؤثر سلبًا على تنوع الأصوات والابتكار الذي تتميز به الشبكة العنكبوتية.