علماء هنود يكشفون لغز الشفق القطبي النادر فوق لاداخ بعد عاصفة شمسية عنيفة

شهدت قرية في منطقة لاداخ الهندية ليلة 10 مايو 2024 ظهور شفق قطبي بألوان الأحمر والأخضر في مشهد نادر لم يُسجل منذ أكثر من عقد. ويرجع العلماء هذا الحدث إلى عاصفة شمسية عنيفة نشأت من انبعاثات إكليلية كتلية أُطلقت من الشمس بسرعة تقارب مليون كيلومتر في الساعة.
تكونت هذه الانبعاثات من انفجارات شمسية وخيوط متوهجة دُفعت نحو الأرض محملة بموجات مغناطيسية مكثفة، وعند وصولها إلى الغلاف الجوي العلوي للأرض تفاعلت مع الحقول المغناطيسية، مما أدى إلى ظهور الشفق القطبي. لكن اللافت أن هذه الظاهرة لم تُشاهد في لاداخ منذ عشر سنوات لأنها تقع جنوب النطاقات المعتادة لرؤية الشفق.
قاد فريق هندي من العلماء برئاسة الدكتور واجيش ميشرا تحقيقاً موسعاً لفهم الظاهرة، واستخدموا بيانات من وكالات فضاء كبرى مثل ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، إضافة إلى مراصد أرضية بينها المرصد الفلكي الهندي في لاداخ. واستعان الفريق بنموذج الحبل المغناطيسي FRIS لتحليل الصور القادمة من الكورونوجراف، وهي أداة ترصد الهالة الشمسية، وبفضل هذا النموذج تمكنوا من تتبع تطور درجات الحرارة والحقول المغناطيسية والبنية الداخلية للانبعاثات خلال رحلتها بين الشمس والأرض.
تعد هذه الدراسة الأولى عالمياً التي توثق الديناميكيات الحرارية للانبعاثات الشمسية من المصدر إلى نقطة الوصول، ونُشرت مؤخراً في مجلة Astronomy & Astrophysics. وكشفت الدراسة عن مفاجأة علمية، إذ لم تبرد الانبعاثات الكتلية مع توسعها في الفضاء كما كان متوقعاً، بل شهدت إعادة تسخين خلال منتصف رحلتها نتيجة تصادم انبعاثين شمسيين، مما تسبب في اضطرابات حرارية، حيث أطلق الإلكترونات حرارة عالية بينما أطلقت الأيونات حرارة متفاوتة بين مرتفعة ومنخفضة.
عند وصول العاصفة إلى الأرض، سجلت بيانات من مركبة الفضاء “ويند” التابعة لناسا وجود حبلين مغناطيسيين مزدوجين، وهما هياكل لولبية مغناطيسية قادرة على تحفيز اضطرابات جيومغناطيسية. هذه التداخلات في الحقول المغناطيسية أدت إلى ظهور الشفق القطبي في مناطق جنوبية مثل لاداخ، ما أظهر عرضاً ضوئياً نادراً أثار دهشة سكان المنطقة.
يحمل هذا الكشف أهمية كبيرة في مجال التنبؤ بالطقس الفضائي عالمياً، إذ أن الفهم الأفضل للتغيرات الحرارية والمغناطيسية للانبعاثات الشمسية يمكّن العلماء من تحسين أنظمة الإنذار المبكر التي تحذر من أعطال في شبكات الكهرباء واضطرابات في أنظمة الملاحة والأقمار الصناعية. ويُعد هذا الاكتشاف خطوة متقدمة للهند في أبحاث الفضاء ويعكس تطور قدراتها العلمية في تفسير الظواهر الكونية النادرة.