دراسة تكشف رحلة استكشاف الحالة البدائية لمادة الكون

دراسة تكشف رحلة استكشاف الحالة البدائية لمادة الكون

مختبر بروكهافن يعلن أولى نتائج كاشف sPHENIX من مصادم الأيونات الثقيلة

أعلن مختبر بروكهافن الوطني في الولايات المتحدة عن تسجيل أولى النتائج التجريبية باستخدام كاشف sPHENIX في مصادم الأيونات الثقيلة النسبي (RHIC). وتم الحصول على بيانات دقيقة من تصادمات أيونات الذهب، وهي خطوة مهمة نحو فهم بلازما الكوارك-جلوون، التي تعتبر الحالة البدائية للمادة في الكون بعد الانفجار العظيم.

صُمم كاشف sPHENIX خصيصًا لتجارب الفيزياء النووية فائقة الطاقة. وأثبت الكاشف كفاءته من خلال قياس آلاف الجسيمات المشحونة والطاقة المنبعثة من التصادمات المباشرة بين نوى الذهب. تؤكد هذه النتائج سلامة أداء الجهاز وتمهد لانطلاق المرحلة العلمية الأساسية لدراسة بلازما الكوارك-جلوون (QGP).

بلازما الكوارك-جلوون هي حالة فائقة الحرارة والكثافة تتكون من كواركات وجلوونات حرة، وهي اللبنات الأساسية للمادة. ظهرت هذه الحالة بعد لحظات من الانفجار العظيم. ويقوم مصادم RHIC بتسريع نوى الذهب إلى طاقة 200 جيجا إلكترون فولت لكل نيوكليون ليعيد خلق هذه الحالة بشكل مصغر في المختبر.

يُعد كاشف sPHENIX تطويرًا مهمًا للكاشف السابق PHENIX. وتمكن من رصد الفارق بين التصادمات المركزية وجها لوجه والتصادمات الطرفية الجانبية. وتنتج التصادمات المركزية عددًا أكبر من الجسيمات والطاقة بنحو عشرة أضعاف، ما يتوافق مع النتائج السابقة ويؤكد دقة الجهاز.

مع قرب انتهاء تشغيل RHIC في 2025، يخطط الباحثون لاستخدام أقصى قدرات كاشف sPHENIX لاختبار “المجهر النفاث”. وهو أسلوب يعتمد على النفاثات عالية الطاقة لدراسة تفاعلات الكواركات والغلوونات داخل البلازما. سيركز البحث على مقارنة فقدان الطاقة بين نفاثات الكواركات الثقيلة والخفيفة، ما قد يكشف طبيعة بلازما الكوارك-جلوون، سواء كانت سائلة ناعمة أو تحتوي على تكتلات في بنيتها.

في الوقت نفسه، يجرى مصادم الهادرونات الكبير (LHC) في سيرن تجارب مشابهة على بلازما QGP باستخدام نوى الرصاص بطاقة أعلى، عبر تجاربه مثل ALICE وATLAS وCMS. ورغم اختلاف نطاقات الطاقة، تكمل نتائج RHIC تلك التي تجرى في سيرن، مما يعزز الفهم العالمي لطبيعة هذه المادة الغامضة.

وأكد أحد المتحدثين باسم مشروع sPHENIX أن القياسات الأولى تؤسس برنامجاً علمياً قويًا لدراسة بلازما الكوارك-جلوون وتمهد لبداية فصل جديد من الاكتشافات. ومع هذه النتائج، يدخل العلماء مرحلة جديدة من البحث في أعماق المادة ونشأة الكون، مدفوعين ببيانات دقيقة وتجهيزات متقدمة لدراسة واحدة من أكثر الحالات الفيزيائية تعقيدًا وغموضًا.